نهاية قصة / حمزة رزقي : قد كنا نعرف بعض
قد كنَّا نعرفُ بعضاً أيام كناُّ نلعبُ دور التّلميذ بالمؤسسات التعليمية في بلادنا حيث كنتِ أنتِ تضمّين كتبا إلى صدرك بمحبة وحنان وكنتِ مشعل التفوق في المؤسسة حينها، نعم ، لطالما تضرب حولك الأمثال وتغني بك أفواه الأباء أمام مسامع أولادهم المُنغطّين في الكسل و الركود و الذين يُشارِكونَكِ نَفس الصّف والمدرسة، في ذاتِ الحينِ ووقتَها بالضّبط كنتُ أنا أَحْمِلُ مِحفَظة حُشِيَت بِقلم ودِفتر واحد قد كان جامِعا لِكُلّ الدروس، محفطة بآلية لوِّث سَطحها برسومات عفِنَة لا أدري لها أي معنى أَو لِأيّ سبب كنت أخطُّها.رغم سِحَقِ الفارق بيننا إلى أن سَماء حُبي و إعجابي أَمْطَرت وابِل من قطرات الحبّ فيكِ أي في أرضِ فؤذكِ و الذي رَحّب بي أيما ترحيب وجعلني أدخل في طيات بدوره شامخا بكل راحة وإستسلام. كنتِ المحبّة كنتِ الأُلْف كنتِ الحنان، كنتِ أنتِ و كنتُ أنا.
تَركتِ جُلُّ المتفوّقِين جانِبكِ بالصّف مُصطفيّن بإنتِضام حولِكِ و سَعيتِ جاهدة متابرة لإنجاح علاقة مع كسول كنتُ هو أنا، أخشى عليّ هذا اللقب لكن حقا كنتُ كذلك.
مع هطول الأيّام وتوالي الأشهُر تَصادمْنا عند مُنعطفٍ سَخيف آخر السنة أثّر شيئاً ما في مِشوارِكِ الدراسي وأصابَ نفسك بشيئٍ قليل من الغُرور والعِناد مما جعلك تصيبينني بوابل من العتاب وكان مثل أَثرِه البالغ علي أيضا فُقدان الحِكمة والصّواب وإِتيانُ أشياءٍ ليس لي بها وَصل آنفا.
ذهب الزمن ذاك دون أية مصالحة تُذكر و طُمِرت ذِكرياتُنا البهيّةِ في قبور النّسيان وتابع كل واحد منا طريقه نحو هدفه وبُغيتُه التي تُرضيه لعلّه حينئذٍ يرضى.
لا أخفيك سراً يا آنسة أنّكِ مَرَرْتِ أحياناً في ذاكِرتي وأنا يَقِض فتِلك الذّكريات لا تُنسى وذاك الغلط كان من شَأنه التّجاوز والإِنتهاء لكن غَيضُنا وكِبريائُنا أَفضى به نحو النّماء وعدم الطّمْر.
نَسيتِني ونَسيتُكِ أو نسيتكُ ونسيتني المهم أنَّنا نَسينا بعضا أو تناسَينا وكأننا لن نلتقي البتّة أبدا وإذا بالمفاجئةِ تَهطل على رؤسِنا من حيتُ لا ندري أو نَحسِب، أُصيب حينها رأسي بشَرخ فَضيع من هولِ الصّدمة فلم أَكُن أحسبُها كذلك بل لم أكن أحلم بها حتى وهاهي تٌحدثُ أمام ناظِري.
حاربتُ جيوش الأسئِلة في دماغي وتّخدتُ قراري بالسلام عليك فليس عَدلاً أن نَلتقي ببعض بعد كل هذه المدة وتَتشابكَ عيون نظراتِنا في الهواء الطلق دون أن نَفوه بكلمة ما تكون الوَصْل بينا، وإن كان ذاك الولد الذي تَحمِلين بين يديك أجْهَشَ خاطري بالدموع ومَسَّني بالخرَس الفاضِح وأَمْلاى علي الأجْوبة دون حتى أن أسأل، فلن أرضى أن أمر بك دون كلمة إلا إذا أنتِ كنتِ ترغبين ذلك، لكن كنتِ العكس وكنتُ انا الملعون.
تصافحنا وتبسّمنا في بعضنا البعض إلا أنكِ لم تَتْطّلِعي على قلبيَ الدّامي وانا واقف أمامك أنظُر عين صبيك الجميل، جميل ما شاء الله كعين أمه التي أبانَت عن عِزّة وطهارة صِرتُ أَرمُقُها بإعجابٍ مُنقطع المَثل، تبادلنا كلمات قليلة نَتصّفح فيها أحوالَ بعضنا البعض وما إن سألتُكِ عن إسم الصبي حتى أصَبْتِني بالفزع والخَرَف فأنا متأكد حتما أنه ليس بنفس إسمي بل كنتِ تمزحين فقط وأنا أعلمُكِ سلفاً أنّك جد متذاكية.....